فيما يخص بيان القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني بشأن اضراب البدون:

بصفتي أحد أفراد مجتمع البدون وباحث مختص في دراسة وتحليل وتوثيق ما لا يحصى من المصادر العلمية حول الملابسات التاريخية والسياسية لقضية البدون، أنا مؤمن بأن حل قضية البدون بيد مجتمع البدون في المقام الأول.

ولكن في سياق بيان القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني بشأن اضراب البدون، أرى أن من واجبي إبداء وجهة نظر لعلّ ما يتنج عنها يكون توثيقاً ومرجعاً تأريخياً يستفيد منه مجتمع البدون في طريق نضالهم من أجل حقوقهم المُغتصبة.

لاشك أن اضراب البدون القائم منذ 28 مارس 2022 هو وسيلة سلمية للإحتجاج نتجت عن تجاهل الحكومة لقضية البدون واستمرارها بسياسات التضييق والضغط النفسي والإجتماعي، وأنا أشعر بالقلق على صحة وسلامة أخوتي المضربين، ولكنني أخلاقياً لا أستطيع أن أطلب منهم إيقاف اضرابهم ما لم أقدم لهم بديلاً يقتنعون أنه أكثر فاعليه مما هم قائمين فيه.

وبالنسبة لفكرة البيان المشار إليه (بشأن تحويل ما يحصده الاضراب من إلتفاف شعبي وعالمي إلى نواة مؤتمر موسع يبدأ التحضير له فور انهاء الإضراب ويكون عقده خلال مدّة لا تتجاوز الشهرين)، فأنا أعتقد أن الفكرة ستكون أكثر إقناعاً إذا ما قرن الموقعين على البيان موقفهم المعنوي بخطوات عملية ملموسة أعتقد أن بوسعهم اتخاذها فورًا وبالتزامن كما يلي:

·   توجيه خطاب خطي لرئيس وأعضاء السلطة التشريعية لتوثيق جوهر قضية البدون (وهوالحرمان من حق الجنسية والحقوق السياسية والمدنية والإنسانية، والتضييق والحصار الإقتصادي والضغط النفسي والإجتماعي)، لتحميل السلطة مسؤولية الضغط السياسي لحسم أزمة الهوية القانونية للكويتيين البدون بمنح حق المواطنة لكل كويتي بدون (عديم جنسية) بشكل مباشر، وفقاً لما يملكه من مستندات وأدلة تثبت انتمائه لدولة الكويت مقابل عدم امتلاك الحكومة أدلّة قطعية على امتلاكه لجنسية أي دولة أخرى، دون تقسيم للبدون وفقاً لإحصاءات سكانية أو غيرها؛

·    التقدم مع جمعية المحامين ومجتمع البدون ببلاغ للنيابة العامة ضد الإنتهاكات وممارسات التضييق والضغط والقيود الأمنية التي يفرضها ’الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية‘ على مجتمع البدون بالتعاون مع أجهزة حكومية بغرض إبتزازهم وإكراهم على التحوّل من عديمي جنسية إلى أجانب ممكن أبعادهم عن البلاد، آخذين بعين الإعتبار أن ممارسات الجهاز تشكّل جرائم منفصلة عن حرمان البدون من حق المواطنة والحقوق الإنسانية والمدنية والسياسية، كما أنه ثابت بالأدلة وشهادات الشهود أن تلك الممارسات تدفع الإنسان البدون نحو ثلاثة خيارات لا رابع لها: الخضوع لإبتزاز واكراه الجهاز والاقرار له على ما يلفقه من جنسية أجنبية؛ الهجرة القسرية خارج الكويت نتيجة الضغط والتضييق؛ الإقدام على الإنتحار نتيجة ظروف القهر والإذلال التي تفرضها الحكومة على البدون تحديداً؛

·       إشراك أفراد من البدون يرتضيهم مجتمع البدون في الأعمال والنتائج المتعلقة بالمؤتمر، ويكون لهم حق "فيتو" في نقض ما قد يرون أنه ليس من مصلحة مجتمعهم.

هذا موقفي الشخصي ووجهة نظر أستمدها من قراءة وتحليل علمي لقضية البدون وأقدمها من منطلق المسؤولية الأخلاقية.

 

أحمد السويط الظفيري

باحث في قضية البدون – كلية لندن الجامعية


Comments

Popular posts from this blog

تقرير بشأن مشروع قانون رئيس مجلس الأمة الكويتي لتحديد مصير عديمي الجنسية الكويتيين البدون